dots

سيف الشيشكلي الشريك المؤسس والشريك الإداري في شركة المبادئ الأربعة يتحدّث عن مسيرته المهنية الاستثنائية، ولماذا هو مصمم على نشر الفلسفة اليابانية “كايزن” – أو الإدارة الليّنة – في المملكة العربية السعودية وباقي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا.

المصدر: مقال من زاوية التابعة لتومسون رويترز zawya.com

منذ سن مبكرة، ورائد الأعمال المولود في الرياض سيف الشيشكلي يتحدى نفسه من أجل تحقيق المزيد. بعد دراسته في الولايات المتحدة وإجادته اللغتين الإنجليزية والألمانية، طبعًا إلى جانب لغته العربية الأم، قرر أن يتعلم لغة آسيوية.

كان قرارًا غيّر مجرى حياته. سنتان أمضاهما في دراسة اللغة اليابانية، وستة أشهر في دورة انغماس لغوي في طوكيو أثارت شغفه باليابان مما لعب دورًا كبيرًا في تأمين وظيفة له مع شركة عبداللطيف جميل؛ وهو أول عمل له بعد تركه الدراسة بدوام كامل.

يقول الشيشكلي:“لأنني مواطن سعودي يتكلم اليابانية، ولأن شركة عبداللطيف جميل هي أحد أبرز الموزعين المستقلين لشركة تويوتا موتورز حول العالم، نشأ بينا اهتمام ومصلحة مباشرة. وبالفعل، بدأت مسيرتي المهنية في ١ يناير ٢٠٠٤ بصفة متدرب إداري في قسم التسويق.”

وفي الوقت نفسه، أصبح الشيشكلي من أبرز المدافعين عن المناهج التي وردت في كتاب “طريقة تويوتا”، وجاءت نتائجه مثيرة للإعجاب فتم ترشيحه على الفور لمهمة تدريبية ضمن مجموعة شركات عبداللطيف جميل، وذلك في مكتب شركة تويوتا موتور في طوكيو.

في أغسطس ٢٠٠٥، وبعد ١٨ شهرًا فقط من بدء مهمته مع عبداللطيف جميل، وصل إلى مكاتب شركة تويوتا في سويدوباشي، طوكيو. وقال عن ذلك: “كنت أدوّن كل يوم في مفكرتي الصغيرة أمورًا تعلمتها عن طريقة تويوتا.”

وبعد عام واحد، وجد الشيشكلي نفسه يعمل في شتوتغارت ضمن قسم استشارات الإدارة اللينة التابع لشركة ألمانية ذات مكانة عالمية مرموقة، حيث ساعد على تطبيق مبادئ “كايزن” في الشركات في جميع أنحاء ألمانيا قبل أن يمضي العام ٢٠٠٩ وهو يتابع دراسة إدارة الأعمال في سويسرا. بعد ذلك بادر الشيشكلي مع باتريك ويبوش، وهو زميل سابق له في ألمانيا، إلى إنشاء شركة المبادئ الأربعة كمكتب استشارات للإدارة اللينة في دبي، جامعين ما بين خبرة العالم الحقيقي والمعرفة النظرية المفصلة.

قال الشيشكلي: “دائما ما شكلت السعودية بالنسبة إلينا السوق الرئيس نظرًا لحجمها وإمكانيات نموها. وعلى مر السنين كانت قاعدة عملائنا، فضلاً عن حجم مشاريعنا، ينموان. ثم تعاقدنا في العام ٢٠١٦ مع شركة عبداللطيف جميل كعميل لدينا؛ ومن خلال عملنا معهم، أدركنا أننا نتشاطر الشغف نفسه لنشر ثقافة طريقة تويوتا/ الإدارة اللينة. وبدأنا المحادثات لعقد شراكة رسمية توجت باتفاق المشروع المشترك الذي أعلن عنه في ديسمبر ٢٠١٧.

“نحن منشغولون حاليًا بتوسيع فريقنا، وبارتقاء بشركة المبادئ الأربعة ككل إلى مستوى جديد، مع اتجاهات جديدة مثل الرقمنة اللينة، وبناء مختبر كايزن في الرياض، وإضفاء الطابع الاحترافي على اتصالاتنا، وإقامة مسابقة جوائز كايزن المبادئ الأربعة.”

وبالنسبة للبعيدين عن هذا المفهوم، يصر الشيشكلي على أنه من السهل عليهم فهم الإدارة اللينة. أهدافها المركزية لناحية تعزيز الكفاءة والأداء وإلغاء الهدر ومضاعفة الموارد إلى أقصى حد، تستقطب كل الأعمال في العالم. “كل ما في الأمر هو التمتع بعقلية التحسين المستمر وتنفيذها لتقليص عمليات الإسراف والتبذير التي تستهلك الوقت والجهد، والتي لا تضيف أي قيمة إلى العملاء الخارجيين والداخليين للمؤسسة.”

“تعلمت طريقة تويوتا في أبهى صورها وأكثرها كثاقة. في الغرب، هناك كتب ودورات دراسية عن نهج اللين، ولكن الأمر يختلف عندما تتعلمها في المكان الذي يشكل جزءًا من تركيبة المؤسسة.”

“لطريقة تويوتا ركيزتين أساسيتين: نظام إنتاج تويوتا، واحترام الناس. لقد حظيت هذه الطريقة بالتقدير لأنها أحدثت المعجزات بالنسبة لإنتاجية تويوتا وأدائها ككل على مدار عقود من الزمن. ومع ذلك، فقد انحرف التعريف الغربي لنهج اللين عن طريق تويوتا؛ إذ لا تنظر الشركات الغربية إلا إلى العمليات في نظام الإنتاج، متجاهلة العناصر الرقيقة تحت ركيزة “احترام الناس” التي لا تقل عنها أهمية. يقول أحد أفراد عائلة تويودا المؤسسة لشركة تويوتا إن الموظفين يعطون الساعات الثمينة في حياتهم للشركة، وإذا لم نستخدمها بفاعلية، أي لإضافة القيمة، فإننا نهدر حياتهم هباء.”

وليست الإدارة اللينة مخصصة للمنظمات الكبيرة فحسب، إذ يصر الشيشكلي على أن الشركات الصغيرة والمتوسطة يمكنها أيضًا استخدام مبادئ اللين لزيادة جودة منتجاتها، وتقليص المهل الزمنية، وخفض نفقاتها بشكل مستدام.

مع أخذ ذلك بعين الاعتبار، ما هي المهمة الجوهرية لشركة المبادئ الأربعة؟ لماذا قرر الشيشكلي وويبوش إنشاء شركة استشارية مستقلة للإدارة اللينة؟ “أردنا مساعدة عملائنا في المنطقة على أن يصبحوا تويوتا في مجالهم من حيث اعتماد عقلية الإدارة اللينة وتنفيذها، ونريد أن نساعد عملاءنا على أن يصبحوا اللين في عملياتهم ومؤسساتهم ومنتجاتهم وخدماتهم.”

يقرّ الشيشكلي بأن لديه تركيزًا متواصلًا، ويقول: “نحن لا نفعل شيئًا سوى الإدارة اللينة، ولكن في عالم الإدارة اللينة نقوم بكل شيء. لدينا المعرفة والخبرة في تطبيقها على جميع القطاعات والوظائف، بدءًا من ورش عمل كايزن السريعة لمدة أسبوعين وصولاً إلى عمليات تحول الشركات التي تستغرق سنوات، بالإضافة إلى القدرة على تنفيذ رقمنة اللين مع شركائنا في تكنولوجيا المعلومات.”

“نحن نطمح أيضًا أن يكون لدينا في شركة المبادئ الأربعة مختبر كايزن خاص يعمل على تطوير دورات تدريبية مخصصة لعملائنا من الشركات، فضلاً عن مركز البحث والتطوير الخاص بنا لخلق عمليات محاكاة لنهج اللين وتطبيقاته من أجل دعم عملائنا أكثر وإحلال ثقافة الإدارة اللينة بشكل عام.”

إنه نهج أثبت نجاحه بالتأكيد. في العام ٢٠١٠، انطلقت شركة المبادئ الأربعة بموظفين اثنين: الشيشكلي وويبوش. اليوم، لديها أكثر من ٥٠ مستشارًا وخططًا طموحة لمواصلة النمو في السنوات المقبلة. الشيشكلي مصمم على إنشاء شركة عالمية تكون “الشريك المفضل” في كلا القطاعين الخاص والعام.

“نحن نرغب في أن نصبح بيت خبرة وخلية تفكير عالمية لطريقة تويوتا/ الإدارة اللينة وعقلية كايزين، ونريد أن نساعد عملاءنا على إيجاد طرق أفضل وأقل تبذيرًا كي يخدموا عملاءهم ويفيدوا مجتمعاتهم الخاصة. صحيح أن هذه أهداف طموحة، ولكن يجب أن نبدأ من مكان ما – وهل هناك مكان أفضل من بلادنا؟ لهذا السبب تجدنا نركز على السوق السعودي.”

“نحن على ثقة من أنه بوجود الخبرات التي اكتسبناها، ودعم شركائنا في المشاريع المشتركة ومساندتهم، عنيت عبداللطيف جميل، يمكننا تحقيق طموحاتنا ومساعدة المزيد من المنظمات في عمليات التحوّل الليّن “بما يخدم عملاءها بشكل أفضل.”