م.عبد السلام العريفي، نائب رئيس تطوير الأعمال في مجموعة المعلّم، شهد مباشرة مزايا الإدارة الليّنة خلال فترة تعيينه شريكًا داخليًا لتنفيذ مشروع اللين في “الرومانسية”. وكان التطبيق الناجح للممارسات الجيدة الذي لوحظ سابقًا في اليابان و من ثم طبق في سلسلة مطاعم “الرومانسية” مثابة التأكيد على أن هذه المنهجية توفّر تغييرًا فاعلاً، بصرف النظر عن مكان تطبيقها.
كان عمل ماي مارت يجري على ما يرام، ولكن النموّ من فرع إلى فروع متعدّدة لم يكن مدعومًا بعمليات قوية، مما شكّل تحدّيًا أمام استدامة الشركة واستمراريتها، وعائقًا أمام المزيد من نموها وربحيتها.
وكان م.عبدالسلام يعرف أن في جعبة مجموعة المعلّم خططًا لتنمية أعمال ماي مارت، ويعرف أن أفضل طريقة لتحويل تلك الخطط إلى واقع ملموس هي في الاستفادة من المبادئ الليّنة التي أثبتت فاعليتها ونجاحها في الشركة الشقيقة “الرومانسية”.
تعمل ماي مارت في المملكة العربية السعودية من خلال المتاجر الكبيرة المتخصّصة ببيع مجموعة واسعة من السلع المنزلية مثل أدوات المطبخ، الأجهزة الصغيرة، منتجات التنظيف، الديكور المنزلي، القرطاسية، الألعاب، إكسسوارات التجميل وغيرها الكثير. ومع تركّز معظم المبيعات على الشراء الاندفاعي للعملاء، ينبغي على ماي مارت في غالب الأحيان تحديث معظم محفظة منتجاتها، وعرض مجموعة واسعة من البضائع على الرفوف. وكانت نقطة البداية لرحلة نهج اللين في ماي مارت هي ضرورة الحفاظ على هذه المحفظة المعقّدة من المنتجات عن طريق المشتريات المرنة، وتخفيض تكلفة التخزين في الوقت نفسه.عندما طُلب من م. عبدالسلام أن يدعم إدارة ماي مارت، وجد أن لديه مخزونًا فائضًا بطيء الحركة (٤٠٪ منه كان سلعًا ذات تغطية تخزينية تزيد عن ٦ أشهر من حجم المبيعات). وتمثّل التحدّي الثاني في عمليات الشراء غير المترابطة واستراتيجية المشتريات غير الواضحة (تتألّف قاعدة العرض من ٤٨٠ مورّدًا، بمعدّل ١١ مورّدًا لكل فئة من المنتجات).
بدأ التعاون بين شركة المبادئ الأربعة و ماي مارت (ياسلام سابقًا) في أواخر العام ٢٠١٤ عندما طلب م. عبدالسلام تحليلاً للوضع الحالي وتصميمًا للوضع المستقبلي يتعيّن القيام به في ثلاثة مجالات: المشتريات والتخزين والمبيعات.
والمجال الأول الذي قرّر الفريق تحسينه هو المشتريات. نتيجة لذلك، تم تخفيض قاعدة التوريد إلى النصف، وتخفيض متوسّط عدد المورّدين لكل فئة من المنتجات من ١١ إلى ٣. ولم يكن من السهل بلوغ هذه النتائج حيث أن تحقيقها حتّم إعادة تصميم قسم المشتريات برمّته وإعداد عملية شراء جديدة أولاً، ثم استلزم الأمر مراجعة توزّع المنتجات على المورّدين واحدًا تلو الآخر من خلال تحليل شاق ولكن ضروري (آنذاك كانت محفظة المنتجات مؤلّفة من نحو ٢٠.٠٠٠ سلعة).وبعد التحسينات الأولية التي تحقّقت، زار فريق المشروع اليابان لمعاينة أفضل الممارسات المحلية في قطاعات البيع بالتجزئة التي تبيع منتجات مماثلة ماي مارت: كان ذلك مكافأة على حسن إنجاز العمل من جهة وفرصة لتعلم أشياء جديدة من جهة ثانية. وجالت شركة المبادئ الأربعة بالفريق على سلاسل المتاجر اليابانية مثل Daiso، Muji، Don Quijote، Matsumoto Kiyoshi، 7-Eleven، Lawson’s و Family Mart مشيرة إلى المجالات التي يجب معاينتها بالتفصيل والدروس المستفادة التي يمكن تطبيقها في ماي مارت.
عند عودة الفريق من اليابان، ركّز أعضاؤه على التحدّي الثاني الذي كان يتمثّل بتحسين دورة المخزون. وقد نجحوا مرة أخرى في خفض حصّة المخزون مع تغطية حجم مبيعات تزيد عن ٦ أشهر من ٤٠٪ إلى ٣٢٪، وبالتالي تحرير مبالغ نقدية ومضاعفة حصّة المخزون ذات الدورة السريعة (أقل من شهر واحد من تغطية المبيعات) وذلك خلال بضعة أشهر فقط.وكان المجال الأخير الذي تناولته شركة المبادئ الأربعة هو تحسين تجربة تسوّق العملاء وزيادة المبيعات في أحد الفروع التجريبية. تم تصميم هذه التحسينات واختبارها ودوزنتها في فرع الروضة بالرياض، ونتيجة لذلك تم تطوير مسار مناسب للعميل يتضمّن التوزيع الصحيح للعروض الترويجية. وارتفعت المبيعات بنسبة ١٦٪ في المنطقة الخاضعة للتحسينات. كما تم إجراء مراجعة لمحفظة المنتجات بغية إعادة التركيز على السلع ذات الطلب المرتفع والسلع المربحة أكثر مما أسهم في زيادة الربحية.
جاءت النتائج التي حقّقها فريق مشروع ماي مارت مثيرة للإعجاب. وكان من أصعب التحديات إعادة هيكلة إدارة المشتريات حيث كان هذا التغيير كبيرًا بالنسبة للأشخاص المعنيين، وكان يعني فقدان “القوة الشخصية” للمشترين تجاه المورّدين. ومن أجل تمكين التغيير، انخرط أعضاء فريق الشراء في إعادة تصميم عملياتهم منذ اليوم الأول، وتم التعامل مع مقاومتهم للتغيير على الفور. وفي النهاية، فهم فريق الشراء أن عمليات اللين الجديدة من شأنها أن تجعل حياته أسهل، وأحسّ بشعور التملّك حيث أنه انخرط كلّيًا منذ البداية في بناء تلك العمليات. كما استلزم بذل جهود كبيرة لمراجعة توزّع المنتجات على المورّدين من أجل تمكين خفض قاعدة التوريد. بيد أن الفريق فهم أن هذا من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى تخفيف عبء العمل بمجرّد تبسيط قاعدة التوريد، وهذا ما شكّل حافزًا لمواصلة المراجعة.وعندما انتهى الدعم المقدّم من استشاريي شركة المبادئ الأربعة، أصبح فريق مشروع ماي مارت محصّنًا بالخبرة الكافية لمواصلة تقديم التحسينات بنفسه. وبات يمكن للشركة أن تعتمد على عمليات مشتريات أقوى، ورأسمال أقل مقيّد كمخزون، وتجربة تسوّق أفضل للعملاء في المتاجر. كان هذا مجرّد بداية لرحلة اللين، وهو طريق للتميّز من شأنه أن يبقي ماي مارت بعيدة عن المنافسة، بينما تواصل خطط نموّها على أساس أكثر صلابة من نهج اللين.