رحلة الإدارة الليّنة في صناعة الكابلات مع شركة المبادئ الأربعة
في فبراير 2017، قال الرئيس التنفيذي ورئيس شركة الشرق الأوسط للكابلات المتخصصة (مسك)، أيمن المصري، في مقابلة مع مجلة “النشرة التقنية في الشرق الأوسط” أنه يعتقد أن القوة العاملة هي أهم جزء من أي نشاط تجاري: “نحن في شركة مسك الأسرع في تنفيذ المشاريع، ننتج أفضل نوعية كابلات، ونوفر خدمة عملاء ممتازة. لقد شهدنا قرارات تخفيض العمالة في جميع أنحاء المنطقة، وعلى الرغم من أن هذا قد يكون ضروريا، فإنه ليس دائما أفضل وسيلة لخفض التكاليف – يمكن للشركات أن تنظر الى بدائل أخرى لتقليل التكاليف مثل تحسين العمليات، تسليم أسرع للمنتجات، الحفاظ على جودة عالية أو النظر الى تحسين شراء المواد بطريقة اقتصادية. وهذا ما أعنيه بالتركيز على استراتيجية أفضل للأعمال وتحسين العمليات. في عام 2014، لم نتحرك بسرعة كافية لمواكبة التغيرات في السوق. كنا “ثقيلين” في كل مكان … في المخزونات والعمليات وما إلى ذلك”.
على الرغم من أن منتج الشركة كان له سمعة جيدة جدا من حيث الجودة وكان يُنظر إليه على أنه الخيار الأفضل في السوق، ولكن حصتنا في السوق كانت تتراجع على سنوياً بسبب التغيرات الاقتصادية الكلية التي تسببت في انكماش السوق، وتغيير تركيز العملاء من البحث على الجودة إلى البحث عن أقل سعر. من وجهة نظر العملاء، كان ارتفاع أسعار المنتجات والتأخُر في تسليمها هي المشاكل الرئيسية. لهذا السبب، قرر فريق الإدارة الشروع في التحول الى الإدارة الليّنة بمساعدة شركة المبادئ الأربعة التي تركز على معالجة هذه القضايا.
وقد أثبتت التحليلات الأولية أن المصادر الرئيسية لشكاوى العملاء هي فترات التسليم الطويلة أو المنتجات التي تم التأخُر في تسليمها. وقد تبين أن المعدات في المصنع كانت تعمل 44٪ من الشهر فقط. وعلى الأقل 24٪ من الوقت المتاح كان غير مُستغل بسبب الخسائر التشغيلية – وهي أسباب ترجع أساسا إلى فترات تغيير طويلة، آلات تعمل بنسب سرعة منخفضة لتجنب تعطل المعدات المتكرر، مستويات عالية من إعادة العمل، وسوء استخدام قدرات الموظفين.
قررت إدارة الشركة أن تبدأ رحلتها مع الإدارة الليّنة بتطبيق أساليب وأدوات لزيادة إنتاج المصنع. كما أضاف السيد أيمن: “لم ننتظر (للسوق ليتحسن) – تصرفنا لتحسين العمليات في حين ركز الآخرون على انتصارات قصيرة المدى.
وبالنسبة للمرحلة الأولى من التحول، قرر فريق الإدارة إنشاء “مشروع التجريبي” للين – وبعبارة أخرى، هو المشروع الذي أثبت أن طاقة المصنع الإجمالية يمكن زيادتها عن طريق تقليل وقت التوقف عن عمل المعدات مع زيادة الإنتاجية لها. من خلال تنفيذ مبادئ الصيانة الإنتاجية الإجمالية، تم إعادة شروط الأجهزة التجريبية المختارة إلى معايير التصنيع التي زادت إنتاج الأجهزة بنسبة 20٪. وقد تم إنشاء المزيد من خلال تنفيذ أساليب التغيير السريع التي قللت من وقت تغيير المعدات بنسبة 65٪ وزادت من توافرها بنسبة 32٪.
ومع ذلك، كان أكبر تأثير للتغييرات هي زيادة في دوافع فريق تشغيل المعدات، وإعطاء المشغلين والفريق التقني إحساس جدير بالإنجازات التي حققوها والتي تفخر بها الشركة وتقدر إنجازاتهم. وقد سمح ذلك بنجاح تطبيق منهجية الصيانة الإنتاجية، مما أمكن من زيادة إنتاج الآلات التي تراوحت بين 17٪ و88٪. كما أنها جلبت معايير الصيانة المستقلة لأكثر من 80٪، فضلا عن نقل كامل لمراقبة الجودة للمشغلين التي استمرت منذ ذلك الحين وازدادت على مر السنين.
وأثناء المشروع، نفذت شركة المبادئ الأربعة اجتماع يومي – وهو اجتماع استثنائي متعدد الوظائف أجري على عدة مستويات حيث أعطى المشغلون الصوت والمسؤولية كعوامل للتغيير والاستدامة. وخلال هذه الاجتماعات اليومية، تم تحليل جميع قضايا الإنتاج والتخطيط والجودة والصيانة للوصول الى السبب الجذري من المشكلة. وبناء على ذلك، وضعت خطط عمل لتجنب تكرار هذه المشاكل. وفي غضون الشهر الأول من التنفيذ، وفرت هذه الممارسة ما يعادل 3 ملايين ريال من إعادة العمل، فضلا عن تجنب فقدان أكثر من 300 ساعة عمل شهريا. واليوم، تستمر هذه الممارسة في تحقيق قيمة للشركة والفخر لقوتها العاملة.
في قسم آخر من الشركة، كان لدى قسم المبيعات مشكلة مع سعر المنتج وربحية النظام. وقد ساعدت شركة المبادئ الأربعة لقسم المبيعات على خفض التكلفة الإجمالية للمنتج، والتي تستهدف الحد من استهلاك مواد الخام عن طريق مراجعة مواصفات المواد والالتزام بالمعايير. وعلاوة على ذلك، تم وضع ضوابط لاستهلاك المواد الخام وتخفيض الهدر، وأجريت مراجعة كاملة للمنتجات عن طريق دراسة المواد الخام المستعملة لكل منتج. وقد سمحت هذه التغييرات بتخفيض التكاليف في بعض المناطق بنسبة تصل إلى 7٪. هذه التغييرات أعطت قسم المبيعات الميزة التنافسية التي كانوا يبحثون عنها، وفتحت الباب أمام زيادات مستدامة في الربحية. وفى الوقت نفسه، حث فريق الإدارة إدارة المبيعات على زيادة معدل تحصيلها. وقد تحقق ذلك من خلال استحداث الاجتماع اليومي بين أقسام المبيعات، التمويل والإدارة للمتابعة وتقليل من الحسابات المتأخر دفعها.
ووفقاً للسيد أيمن، خلال المشروع “كان هناك مؤيدين، محايدين ومعارضين – بينما تسارعت الاختلافات المعارضون لم يستطيعوا التأقلم فتأخروا للحاق بالأقسام الأخرى”. إلا أن هذا الوضع لم يدم طويلا، حيث سرعان ما تبنى المعارضون مفاهيم الإدارة الليّنة وجاء لتقدير كامل فوائدها. واليوم، الطريقة التي تقوم بها الشركة بعقد اجتماعاتها اليومية هو مثال جيد على الاستباقية والجهد. ويؤدي هذا التعاون إلى تحسين الاتصالات بين الإدارات وتحسين رؤية حالة النظام، وفي نهاية المطاف، الآن لديهم الطريقة لاستدامة النجاح من حيث الإنتاجية ومراقبة التكاليف. “لقد تغيرت ثقافة الشركة بالمحاولة”.
وقد أدت هذه الممارسات الجديدة في نهاية المطاف إلى تغيير رؤية العملاء لجودة المنتجات وخدمات مسك. وقد تحقق ذلك من خلال تسليم المنتجات في الوقت المحدد، مما قلل من المهلة الإجمالية للتسليم وتقليل شكاوى العملاء. وشملت المزايا الإضافية تخفيض كمية ساعات العمل التي يقضيها العامل في إعادة إنتاج المنتجات ذات الصلة بالجودة، وتم تخفيض مستويات المخزون الإجمالية، ازدياد في إنتاج المصنع ومعدلات توافر المعدات والآلات عموما.
وبالإضافة إلى ذلك، أعطت كل هذه المزايا مسك مكانة خاصة في سوق الكابلات. ويكمن التحدي الذي تواجهه الشركة الآن في مواءمة استراتيجيتها التنظيمية لتطوير المزيد من المنتجات للقطاعات الجديدة، وبالتالي زيادة قاعدة عملائها.
اليوم، يستطيع السيد أيمن أن يخبر مجلس الإدارة في الشركة بأن الشركة في وضع يُمكنها من تعزيز قدراتها في البحث والتطوير، وتمكينها من إطلاق منتجات جديدة في سوق الشرق الأوسط دون الاستثمار في مزيد من مساحة الإنتاج أو الموارد. وقال السيد أيمن: “إذا نظرنا إلى الوراء ، سأعيد هذه الرحلة مرة أخرى، ولكن كنا سنبدأ في وقت أبكر وكنا سنركز على الأنشطة المتعلقة بالدورة النقدية في وقت سابق من البرنامج”، مضيفا “هذه هي رحلتنا مع الإدارة الليّنة حتى الآن – لم ننتهي بعد، وعندما نصل إلى وجهتنا، سوف نحاول البحث عن وجهة أخرى. نحن نسير في الاتجاه الصحيح”.
والآن السيد أيمن فخور بالقول بأن مسك “تركز الآن ليس فقط على أن تكون أفضل شركة صناعة كابلات في المنطقة، ولكن أن تكون الأفضل بفارق كبير من حيث الجودة وخدمة العملاء.” وهو الآن على يقين من أن كل التحديات التي يحصل عليها من عملائه من حيث التسليم والتكلفة، سيتم حلها والتعامل معها بشكل أفضل بكثير.
اقتباس من السيد أيمن من مجلة “النشرة التقنية في الشرق الأوسط”